فتوى
حكم صلاة الجماعة مع افة كرونا /دروس ومواعظ
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صاحب الشريعة والمبين للأحكام
1/ يقول الله عز وجل : ( واقيموا الصلاة ) سورة البقرة اية 3
-هذا امر من الله عز وجل بوجوب ( اقام الصلاة ) لا بوجوب ( الصلاة ) فهو سبحانه لم يقل ( وصلوا !! )
فما معنى ( اقامة ) الصلاة !!
- قال الامام القرطبي ( واقامة الصلاة اداؤها بأركانها وسننها وهيئاتها في اوقاتها )
فللصلاة اركان وسنن وهيئات واوقات بينها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :
2/1 - (صلوا كما رأيتموني اصلي) /البخاري/فهذا امر صريح من النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب اتباع هيئة صلاته حال الافراد او مع الجماعة
-فهل صلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة والصفوف متباعدة !!
-هل صلى أحد من خلفائه الراشدين من بعده صلاة الجماعة بمثل هذه الهيئة المستحدثة !!
-بل حتى مع ظهور وباء الطاعون زمن الخليفة عمر بن الخطاب هل صلى الصحابة اذ ذاك بهذه الهيئة أي هيئة التباعد !!
-قال الامام ابن تيمية: ( ولو يكن الاصطفاف واجبا لجاز ان يقف واحد خلف واحد وهلم جرا وهذا مما يعلم كل احد علما عاما ان هذه ليست صلاة المسلمين ولو كان هذا مما يجوز لفعله المسلمون ولو مرة واحدة فقياس الاصولي يقتضي وجوب الاصطفاف ) مجموع الفتاوى 23/394/
-فاذا لم تكن هذه الهيئة المستحدثة في صلاة الجماعة بدعة فأي معنى للبدعة اذا !!
2/2 - بل قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا معنى إقامة الصلاة التي في الاية السابقة : ( سووا صفوفكم فان تسوية الصفوف من إقامة الصلاة ) /البخاري/
قال الامام ابن دقيق العيد : ( تسوية الصفوف هي اعتدال القائمين بها على سمت واحد وقد تدل تسويتها على سد الفرج فيها ) أي ان تسوية الصفوف عنده تسويتان ,ظاهرة في سد الفرج والاصطفاف ,ومعنوية بان يكونوا على سمت واحد/احكام الاحكام شرح عدة الاحكام/
3/ يقول الله عز وجل ( واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم ) الآية 102
هذه الآية من سورة النساء نزلت في بيان مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها وشروطها وصلاة الخوف تكون عند التحام القتال او شدة الخوف ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلاها في أربعة مواضع والشاهد هنا
فلماذا لم يصلها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه !!
لماذا لم يجتهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في استحداث هيئة جديدة للصلاة !!
لماذا انتظر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم امر ربه لبين له كيفية الصلاة في مثل هذه المواقف !!
هل مرض كورونا اشد خطرا ام شهود المعارك ولقاء الأعداء في الحروب والغزوات حيث الموت محتم واكيد !!
فلو كان هناك أعظم داع لتباعد الصفوف في الصلاة لكان في صلاة الخوف !!
بل ان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف مجتمعين القدم للقدم والكتف للكتف متراصين !!
4/ عن جابر رضي الله عنه قال: ( اقبلنا مع رسول الله حتى كنا بذات الرقاع قال فنودي للصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين قال فكانت لرسول الله اربع وللقوم ركعتان ) /متفق عليه /
- فهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ما يلي
4.1/ ان العبادات توقيفية وأنها لا تثبت الا بالنص فليس لكائن من كان ان يأتي بشريعة من عنده
قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد )
وعن ابي الدرداء رضي الله عنه قال ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار الا وقد بين لكم ) فما لم يبينه لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس من الدين ولا مما يقرب الى الجنة ويباعد عن النار
قال الامام احمد ( ان الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع منها الا ما شرعه الله تعالى والا دخلنا في معنى قوله عز وجل ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله والعادات الأصل فيها العفو فلا يحظر منها الا ما حرمه الله عز وجل والا دخلنا في معنى قوله عز وجل قل اريتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ااالله اذن لكم ام على الله تفترون )
وقال الامام ابن تيمية ( والعبادة لابد ان تكون مأمورا بها فما لم يثبت انه مأمور كيف يحكم عليه بانه عبادة ) مجموع الفتاوى /16/29-17/
وقال الشيخ ابن عثيمين ( ومتى شك الانسان في شيء من الاعمال هل هو عبادة أولا فالأصل انه ليس بعبادة حتى يقوم دليل على انه عبادة ) فتاوى نور على الدرب
وقال الشيخ صالح الفوزان ( العبادات توقيفية لا يجوز الاقدام على شيء منها في زمان او مكان او نوعية العبادة الا بتوقيف وامر من الشارع اما من احدث شيئا لم يأمر به الشارع من العبادات او مكانها او زمانها او صفتها فهي بدعة ) المنتقى من فتاوى الفوزان
4.2/ عبادة الله عز وجل تكون كما يحب ربنا ويرضى وبما امر سبحانه لا بما يشتهي الناس
5/ رأى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي خلف الصف فلما انصرف قال له النبي صلى الله عليه وسلم ( استقبل صلاتك فانه لا صلاة لمن صلى لمنفرد خلف الصف )
- قال الامام احمد بن حنبل والمشهور عند أصحابه ( ان صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح ) ومعلوم ان الاصل في النفي نفي الوجود فان لم يمكن فنفي الصحة فان لم يمكن فنفي الكمال
6/ وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم ) وفي لفظ ابي داود وغيره اقبل رسول الله صلى اله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال ( اقيموا صفوفكم ثلاثا ) وفي رواية ( فاذا استوينا كبر)
معنى هذا انهم لو لم يستووا لما كبر ولما أقيمت الصلاة وهذا من اقوى ما يستدل به على ان تسوية الصفوف واجبة !!!
هاتان الروايتان تدلان على ان عدم تسوية الصف وعدم التراص في الصفوف هو من الكبائر لان الوعيد لا يكون الا في الكبائر وقد توعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المخالف بان يخالف الله بين وجهه وكذا بين قلبه
قال الامام العراقي ( فهاتان الروايتان دالتان بمجموعهما على انه يدخل في إقامة الصف استواء القائمين به وانضمام بعضهم لبعض )
7/ قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ) قلنا يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها قال ( يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف ) رواه مسلم
8/ وعن ابي شجرة مرفوعا ( اقيموا الصفوف فانما تصفون كصفوف الملائكة حاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولا تذروا فرجات الشيطان ومن وصل صفا وصله الله )
قال الامام العراقي ( هذا أيضا من خصائص هذه الامة وكانت الأمم المتقدمة يصلون منفردين كل واحد على حدة ولما أراد الله تعالى حصول هذه الفضيلة للأنبياء المتقدمين جمعهم )
وقال ابن جزي في تفسير قول الله عز وجل ( وانا لنحن الصافون ) أي الواقفون في العبادة صفوفا ولذلك امر المسلمين بتسوية الصفوف في صلاتهم ليقتدوا بالملائكة وليس احد من اهل الملل يصلون صفوفا الا المسلمون
وهنا شبهة والرد عليها :
لقائل ان يقول :نحن اذ نصلي هذه الصلاة أي الصفوف متباعدة بسبب وجود المرض وهو ضرورة من الضرورات !!
فنقول ماهو تعريف الضرورة شرعا !!
قال الامام ابن تيمية ( الضرورة هي التي يحصل بعدمها حصول موت او مرض او العجز عن الواجبات )
والسؤال بناء على تعريف الامام ابن تيمية :
هل اذا لم تصل الصلاة في جماعة يحصل الموت !!
هل اذا لم تصل الصلاة في جماعة يحصل المرض !!
هل اذا لم تصل الصلاة في جماعة يحصل عجز عن أداء واجب شرعي !!
وعلى القول بان صلاة الجماعة واجبة فانها في هذه الحالة تسقط اعمالا لقاعدة ( الواجب لا يترك الا لواجب ) وحفظ النفس اوجب من أداء صلاة الجماعة !!!
قال الامام ابن تيمية ( ومن الأصول الكلية ان المعجوز عنه في الشرع ساقط الوجوب فلم يوجب الله ما يعجزعنه العبد )
ولقد اجمع العلماء ان من الاعذار المبيحة للتخلف عن أداء صلاة الجمعة هي الخوف من حصول المرض او تأخر البرء او زيادة في المرض
الم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم اكل الثوم والبصل والكراث وكل ماله رائحة كريهة تؤذي المسلمين من الحضور الى المسجد !!!
فاذا كان هذا شان الرائحة فكيف بمرض قاتل ككرونا خصوصا وان هناك أناسا قد يكونون حاملين للمرض ولا تظهر عليهم اعراض المرض !!!
قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من اكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مصلانا ) وفي رواية ( فلا يقربنا مساجدنا )
قال الامام ابن عبد البر في التمهيد ( وفي هذا الحديث من الفقه ان حضور الجماعة ليس بفرض لانه لو كان فرضا ما كان احد ليباح له ما يحبسه عن الفرض---فلو كانت الجماعة فرضا لكان اكل الثوم في حين وقت الصلاة حراما وقد ثبتت اباحته فدل ذلك على ان حضور الجماعة ليس بفرض )
وروي عن الامام احمد ( انه يأثم لان ظاهر النهي التحريم ولان اذى المسلمين حرام وهذا فيه اذاهم )
وقال الامام المرداوي الحنبلي في الانصاف ( يكره حضور المسجد لمن اكل ثوما والمراد حضور الجماعة ولو لم تكن بمسجد )
وقال الامام سحنون ( لا جمعة عليهم أي اكل الثوم وأصحاب الامراض المعدية وان كثروا ولهم ان يجمعوا ظهرا بغير اذان في موضعهم )
فهذه نصوص صريحة في سقوط الجماعات عن أصحاب الامراض المعدية حقيقة ومن في حكمهم وهم الحاملون لأعراض المرض من غير ظهور اعراض المرض وهذا اشد
وهنا ملحظ مهم : لماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم اكل الثوم وصاحب البرص والجذام وغيرها مما فيه رائحة كريهة تؤذي المسلمين او مرض معد ان يحضر المسجد ويصلي صلاة الجماعة بعيدا عن أصحابه!!!
9/ تكرار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الامر بوجوب إقامة الصفوف، في كل وقت صلاة، خمس مرات، مدة حياته، الا يدل ذلك التكرار على شدة حرصه صلى الله عليه و سلم على تسوية الصفوف والاهتمام بهيئة صلاة الجماعة ؟ / وهو دليل قوي
وجوب تعديل الصفوف وتسويتها ووجوب التراص
حرمة المخالفة
حصول الوعيد الشديد حتى قال العلماء ( هو من الكبائر لان الوعيد لا يكون الا في الكبائر )
حرص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشديد على إقامة الصفوف لدرجة انه كان يتولى تعديلها بيده الشريفة
قال الامام احمد بن حنبل ( تسوية الصفوف ودنو الرجال بعضهم من بعض من تمام الصلاة وترك ذلك نقص في الصلاة )
ما معنى صلاة الجماعة
- قال الامام ابن تيمية ( فان صلاة الجماعة سميت جماعة لاجتماع المصلين في الفعل مكانا وزمانا بل قد امروا بالاصطفاف بل امرهم النبي بتقويم الصفوف وتعديلها على احسن وجه ولو لم يكن الاصطفاف واجبا لجاز ان يقف واحد خلف واحد وهلم جرا وهذا مما يعلم كل احد علما عاما ان هذه ليست صلاة المسلمين ولو كان هذا مما يجوز لفعله المسلمون ولو مرة واحدة فقياس الصولي يقتضي وجوب الاصطفاف )
- الجماعة هي الاجتماع ويكون بالمكان و الأفعال فالأفعال اجتماع المأمومين على متابعة امامهم والمكان اجتماعهم في صفوفهم واذا قلنا بجواز انفراد بعضهم عن بعض فمتى تكون الهيئة الاجتماعية !!
ما الحكمة من تشريع صلاة الجماعة
- لا شك ان من اعظمها :تحقيق المحبة والالفة والتاخي بين المصلين ولذلك :
فقد روى البراء ان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخلل الصف من ناحية الى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول ( لا تختلفوا فتختلف قلوبكم )
وعن علي رضي الله عنه قال ( استووا تستو قلوبكم وتماسوا تراحموا )
وعن ابي مسعود رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول ( استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليليني منكم اولوا الإسلام والنهى ) قال أبو مسعود ( فانتم اليوم اشد اختلافا )
الشاهد :قال الامام الشوكاني : ( ولا شك ولا ريب ان هذا الاعتزال عن الجماعة الكبرى قبل قيامها له مدخل في التاثير في اختلاف القلوب وايغار الصدور والمواحشة بين المسلمين زيادة على تلك المخالفة المذكورة في الحديث )
وقال الامام ابن القيم ( اجتماع القلوب وتالف الكلمة من اعظم مقاصد الشرع وقد شدد الذريعة الى ما يناقضه بكل طريق حتى في تسوية الصف في الصلاة لئلا تختلف القلوب )
الشاهد :فكيف تتحقق هذه المحبة وكيف تزيد بل وكيف تزال تلك الشحناء والبغضاء من القلوب والصدور في صلاة يقف فيها المصلون بعيدين عن بعضهم البعض مسافة متر او مترين !!كيف يتحقق ذلك المقصد العظيم والكتف لا يلمس الكتف ولا القدم القدم !!
10/ يقول الله عز وجل: ( قد افلح المومنون الذين هم في صلاتهم خاشعون )
- أجمع العلماء على ان الطمانينة في الصلاة ركن من أركانها واختلفوا في حكم الخشوع بين الوجوب والاستحبال وممن ذهب الى القول بوجوب الخشوع في الصلاة الامام ابن تيمية
- فعلى مذهب القائلين بالوجوب :
- كيف للخشوع ان يتحقق في جماعة مع وجود مرض كرونا القاتل والمعدي فلو عطس احدهم او سعل لحصل الاضطراب ولتوجست النفوس ولزالت الطمانية والسكينة
- ايهما أولى في الشرع وفي النظر ان يصلي المسلم صلاة منفردا خاشعا مطمئنا ام ان يصلي صلاة لم يصلها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيدا نافرا من أخيه مضطربا خائفا
11/ ايقول الله عز وجل : ( ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة )
12/ يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار )
13/ اجمعت الامة على ان: - دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة
- الضرر يزال
شبهة والرد عليها
- لقائل ان يقول :
- اذا كان ذلك كذلك فلماذا الناس يخرجون ويتسوقون في المحلات ويجتمعون في المطاعم والمقاهي !
1/ الصلاة عبادة وهي توقيفية لها شروطها واحكامها وضوابطها وقواعدها كما هو مبين في الكتاب والسنة ومفصل في كتب الفقه وعبادة الله عزوجل تكون كما يحب ربنا ويرضى اما مصالح الناس من اكل وشرب ومعاش ---- فهي من العادات وهي منوطة بمصالح العباد وهذا من كمال رحمة الله عز وجل بالخلق والا لهلكوا فلا مقارنة ولا قياس بين العبادة والعادة فللعبادات احكام وللعادات احكام
2/ نقلت وسائل الاعلام ان بعض المساجد التي فتحت أبوابها قد سجلت فيها حالات وفاة بعض الائمة (وفاة 15) و اصابة بعضهم ( حالة 166) بالعدوى و كذا اصابة بعض المصلين ( انظر جريدة الجزائر اكسبرس 28 يوليو2020 ) وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على :
خطورة هذا المرض
لا يكمن تفادي الإصابة ولو مع وجود الإجراءات الاحترازية خصوصا وان الخبراء والمختصين الى الان لم يتفقوا بعد على توصيف واحد لهذا الوباء ولا على دواء واحد بل كل يوم يكتشفون حقائق جديدة عن هذا المرض
عدم التزام الناس بهذه الإجراءات بل وفي احايين كثيرة يستخفون ويستهزؤون بها!!
- اما خروج الناس الى المطاعم والأماكن العامة فهذا شانهم الخاص بهم والا فان احكام الشرع واضحة وكذا القوانين واللوائح التي لم تتوقف يوما في نصح الناس وارشادهم
كيف وبماذا انتصر الصحابة وسلفنا الصالح على وباء الطاعون !!!
للإجابة على هذا السؤال لابد ان نقدم بمقدمة
- يقول الله عزوجل ( اقم الصلاة لذكري )
فإقام الصلاة اذن وسيلة لغاية والتي هي ذكر الله عز وجل فالمقصود الاسمى والاسنى هو ذكر الله سبحانه
فذكر الله عز وجل هو السبيل الوحيد والاوحد لرفع جميع الامراض والاسقام والاوبئة والاوجاع الظاهرة والباطنة بل فيه حصول خيري الدنيا والاخرة وبهذه الوصفة الربانية انتصر المسلمون الأوائل على كل شيء
لقد فهموا وادركوا معنى الإسلام ومعنى الصلاة ومعنى الذكر ومعنى العبادة فلم يخلطوا بين حقيقة هذه المعاني
صحيح ان الصلاة هي عماد الدين ولكنها ليست الدين كله
- فلماذا اذن جعلنا عبادة الله عز وجل قاصرة ومحصورة في الصلاة !!!
- لماذا جعلنا دين الإسلام وذكر الله سبحاته خاصا ومحدودا في المسجد فقط !!
- قال ابن تيمية ( العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والافعال الظاهرة والباطنة )
فالصلاة والزكاة والصيام عبادة، صدق الحديث وأداء الأمانة عبادة، ترك النميمة والغيبة والافساد بين الناس عبادة، قول الحق والقضاء به عبادة، الثقة بالله والتوكل على الله عبادة، الاحسان الى الجار والارملة والمسكين عبادة، الاحسان الى المملوك من الادميين والبهائم عبادة، وهلم جرا
- والعبادة باعتبار نفعها نوعان :- عبادة منفعتها قاصرة على صاحبها :كالصلاة والحج
- عبادة منفعتها متعدية على غير صاحبها : كالزكاة والإحسان الى الغير مسلما كان ام غير مسلم - ادميا كان ام غير ادمي
وما من شك ان النوع الثاني من العبادات أفضل وأعظم اجرا عند الله عز وجل
فلماذا غيرنا كل هذه المفاهيم وضيقنا واسعا !!!
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يرد القضاء الا الدعاء ولا يزيد في العمر الا البر)
اين نحن من عبادة التسليم لقضاء الله وقدره خيره وشره
اين نحن من عبادة الاخذ بالأسباب واستنفاذها من الالتزام باحكام الله والتوجه اليه بالدعاء وطلب الاستشفاء والمداواة والالتزام بالتدابير الوقائية وكذا الاجراآت القانونية
اين نحن من عبادة حسن الظن بالله وبان لنا في هذه الامراض والاوجاع والاوبئة اجرا
عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الطاعون شهادة لكل مسلم ) /متفق عليه
عن عائشة رضي الله عنها قالت سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فاخبرني انه ( عذاب يبعثه الله على من يشاء وان الله جعله رحمة للمؤمنين ليس من احد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم انه لا يصيبه الا ما كتب الله له الا كان له مثل اجر شهيد ) / رواه البخاري
- اهملنا كل هذه المعاني العظيمة والمجمع عليها عند الامة وصرنا نخوض فيما لا نعلم وفيما لا يعنينا ونقول بعد ذلك متى نصر الله !
- ومن العجيب الغريب ان حال المسلمين قبل مرض كورونا هو حالهم بل اكثر اثناء مرض كرونا من عدم الالتزام باحكام الله عز وجل والخوف منه والرجوع والانابة إليه
- قال الله عز و جل ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم واذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له )
فعوض ان يشتغل الناس بالدعاء والتضرع الى الله عز وجل والتوبة وبالاصطلاح مع النفس وبالاصطلاح مع الاخرين صاروا يفتون ويتجرؤون على الله ويخوضون فيما لا يفقهون ,ديدنهم الرياء والعجب والكبر والمراء والجدال !!
- قال الله عز وجل ( قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله مالا تعلمون )
لدرجة ان العلماء اليوم ( إلا من رحم الله ) صاروا بين نارين :سطوة الحكام وجهل الناس من العوام واهوائهم ( عائذا بالله )
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
حرر في يوم الاحد 05شوال 1442 الموافق ل15ماي 2021
كتبه الفقير الى ربه الراجي عفوه ومغفرته
الشيخ / أبو عبد الرحمان الجزائري
اتصل : abdelrahmane.al.djazairi@gmail.com
PDF : Lien